إسهامات العلماء المسلمين فى التقدم العلمى والتكنولوجى عبر العصور

شارك
إسهامات العلماء المسلمين
فى التقدم العلمى والتكنولوجى عبر العصور
أ. د. أحمد فؤاد باشا
أستاذ الفيزياء وعميد كلية العلوم/ جامعة القاهرة- مصر
مقدمة:
تشهد الفترة الحالية من عصرنا اهتماما كبيراً بالتاريخ للعلم وفلسفته، خاصة فيما يتعلق بقضية التأصيل لنشأة العلم وأولية المنهج العلمى، حيث يدور الجدل بين الباحثين حول الإجابة عن أسئلة من قبيل: أين ومتى نشأ العلم وتكونت بذرة المنهج العلمىفى فكر الإنسان؟
وتاريخ العلم والتكنولوجيا جزء من التاريخ الإنسانى العام الذى أسهمت فى صنعه جميع الأمم على مرالعصور. إنه تاريخالفكرمنحه الله- تعالى- لإنسان لكى يرتقى بعقله ويدرك أهمية المعرفة: فى صنع التقدم وفهم حقائق الأشياء. ومن يقرأ تاريخ العلم بحيدة وموضوعية، بعيدا عن مختلف ضروب الهوى والتحيز يجد أنه وثيق الارتباط فى تقدمه وتعثره بمراحل ازدهار حضارات الإنسان وانحطاطها، منذ عصور الحضارات القديمة، ومرورا بعصرالحضارة العربية الإسلامية، فعصرالنهضة الأوروبية الحديثة، وصولا إلى حضارة التكنولوجيا المعاصرة. كما يجد أن فلسفة العلم والتكنولوجيا معنية بتتبع نمو المفاهيم والأفكارالعلميةوالتك نولوجية وتطورها عبرتلك المراحل، ومهتمة بما قدم العلماء والتقنيون من نظريات أو حلول لمختلف القضايا العلمية والتكنولوجية، وفق منهج تحليلى مقارن يهدف إلى وضع الحقائق فى نصابها المقبول عقليا والممكن تاريخيا ومنطقيا.
من هنا، فإن الأمانة فى التأريخ لأى علم من العلوم تقتضى أن نتتبع مراحل
تطوره منذ نشأته ونقف على كيفية نموه وتدرجه، ونتعرف على ما قام به عظماء رجاله من الأعمال والابتكارات التى أحدثت هذا النمو والتدرج، فذلك أدعى إلى حسن تصور الأفكار والنظريات العلمية والتكنولوجية المختلفة، فضلا عن أنه الأسلوب الواجب لإيضاح التسلسل الطبيعى للخطوات التى أدت إلى الكشف عن الحقائق العلمية والإنجازات التكنولوجية منسوبة إلى أصحابها الشرعيين.
وانطلاقاَ من هذه المقدمة سوف نعرض لبيان بعض إسهامات العلماء المسلمين فى التقدم العلمى والتكنولوجى عبر العصور، ونلقى الضوء على ماقدموه من مآثر ذات قيمة معرفية أو منهجية أو تطبيقية فى تاريخ الحضارة الإنسانية، ونكشف عن بعض المفاهيم والإنجازات التى تشكل أساساً لكثير من المباحث التى تعامل اليوم كعلوم تخصصية مستقلة، نظراً لاتساع دائرة البحث فىموضوعاتها. وسوف نعتمد فى توثيق هذا العرض على ما جاء فى أمهات الكتب التراثية المحققة.
(أ) العلوم الأساسية والتطبيقية:
لم يقف علماء الحضارة الإسلامية عند حد المواريث الفكرية، لكنهم أضافوا بعد ذلك ما توصلوا إليه من تجاربهم وخبراتهم، واستطاعوا أن يكونوا نسقاً فكريا وعمليا متميزا قوامه البحث عن الحقيقة فى أعماق النفس وآفاق الوجود، وأساسه العلم والعمل من أجل ترقية الحياة على الأرض، استناداً إلى مبادئ الإسلام الحنيف. ونذكر من مآثر المسلمين بعض الثورات العلميةالتى أشعلوا جذوتها فى العلوم الأساسية والتطبيقية الآتية:
فى مجال الرياضيات:
جرت الدراسات وفق الطريقة الاستقرائية للوصول إلى المبدأ العام من ملاحظة التفاصيل، على نحو ما فعل الخوارزمى عندما وضع معادلة جبرية تصلح لإيجاد حلول خاصة لمشكلات متشابهة، واستطاع أن يتوصل إلى علم جديد يضيفه للمعرفة هو علم الجبر الذى ظل محتفضاً بلفظه العربى فى كل اللغات. وواصل العلماء بعد ذلك عملية التعميم للكائنات الرياضية، سواء كانت خطوطاً هندسية أو أرقاماً عددية، فأضاف ثابت بن قرة تعميماً لنظرية فيثاغورث يصلح لأى مثلث، وبرع عمر الخيام فى تصنيف وحل المعادلات ذات الدرجة الثالثة والرابعة.
وظل هذا المنهج أسلوباً لفكر الرياضيين حتى أصبح من أهم خصائص المعرفة العلمية، وأدى فى أواخر القرن التاسع عشرالميلادى إلى اكتشاف معادلات التحويل التى تربط بين إحداثيات الموضع وإحداثيات معممة تكون مسافات أو زوايا، أو كميات تتصل بالمسافات والزوايا. ولولا هذه المسيرة الرياضية التى بدأت بعلماء الحضارة الإسلامية لما ظهرت معادلات "لاجرانج " ومعادلات "هاميلتون " التى تتميز فى العصر الحاضر بسهولة استخدامها لاستنباط وحل العديد من المسائل العلمية فى علوم ميكانيكا الكمّ والميكانيكا الإحصائية والميكانيكا السماوية والكهروديناميكا وغيرها.
وفى مجال العلوم الفيزيائية:
كشفت الدراسات التراثية المعاصرة عن سبق علماء المسلمين إلى تحديد الكثير من المفاهيم العلمية فى ميادين الميكانيكا والبصريات والصوتيات وخواص المواد الصلبة والسائلة والغازات وغيرها. فعلى سبيل المثال، عبر هبة الله بن ملكا البغدادى فىكتابه "المعتبر فى الحكمة"، والشيخ الرئيس ابن سينا فى كتابه "الشفاء"، وابن المرزبان فى كتابه (التحصيل "، وابن الهيثم فىكتابه "المناظر"، وغيرهم، عبروا عن عناصر الحركة وأنواعها وقوانينها بصياغات علمية لا تختلف عما نعرفه اليوم.
كذلك قدم علماء المسلمين لأول مرة فى تاريخ العلم أساساً مقبولاً لتفسير السقوط الحر للأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية. وبدأالهمدانى هذه الثورة العلمية بقوله فى سياق حديثه عن الأرض وما يرتبط بها من مياه وهواء ما نصه - فى كتاب الجوهرتين- "... فمن كان تحتها (أى تحت الأرض عند نصفها الأسفل) فهو فى الثبات فى قامته كمن فوقها، وكثبات قدمه عليه، فهى بمنزلة حجر المغناطيس الذى تجذب قواه الحديد إلى كل جانب... " ويتضح من هذا النص أن الهمدانى قد أرسى أول حقيقة جزئية فى فيزياء ظاهرة الجاذبية، ثم تبعه عبدالرحمن الخازنى الذى ذكر فى كتابه "ميزان الحكمة" أن الجسم الثقيل يتحرك بقوة ذاتية أبدأ إلى مركز الأرض فقط.. ولولا هذه الحقائق الجزئية على طريق استكمال التصور الإنسانى لظاهرة الجاذبية والحركة لما وجد إسحق نيوتن من يقف على أكتافهم من عمالقة العلماء لكى يصنع مجده وشهرته بصياغة قوانين الحركة والجاذبية.
وفى علوم الفلك والأرصاد:
وضع علماء المسلمين أصول الكثير من النظريات الحديثة عن الظواهر الجوية والفلكية، كما اهتموا بوضع الأزياج (الجداول الفلكية والرياضية) التى جمعها "تيكوبراهى"، واستخدمها من بعده "كبلر" فى صياغة قوانينه المشهورة عن حركة الكواكب. وترتب على ذلك كله تقدم علوم الفلك والأرصاد، وصاحبه ازدهار الملاحة البحرية فى البحرين الأبيض والأحمر وفى المحيطينالهندى والهادى، وظلت اختصاصاً عربياً إسلامياً حتى مطلع العصور الحديثة.
وفى مجال الكيمياء:
يجمع المؤرخون على أنها تحولت فى عصر النهضة الإسلامية من "الصنعة" الخرافية إلى العلم التجريبى بفضل علماء أفذاذ، أمثال جابر بن حيان والرازى والجلدكى وغيرهم، عرفوا العديد من العمليات الكيميائية كالترشيح والتبخير والتصعيد والتقطيرالجزئى والتبلور، واستخدموا فى ذلك الآلات والأجهزة، فتجاوزوا حدود الآراء النظرية والتأملات الفلسفية المميزة لعلوم الإغريق والهنود.
ومن بين الإنجازات التى يصعب حصرها ما توصل إليه علماء المسلمين فى ميدان الكيمياء التطبيقية، حيث استخدموا الفحمالحيوانى لأول مرة فى قصر الألوان، ولاتزال هذه الطريقة تستعمل فى إزالة الألوان والروائح من المواد العضوية. وتوصلوا إلى أن الشب، وهو أحد أملاح الألومنيوم، يساعد على تثبيت الأصباغ فى الأقمشة، وذلك قبل أن يصل العلم الحديث إلى تفسير خاصية التصاق الشب على الألياف وتكوين أملاح معقدة مع الأصباغ الملونة تعمل كوسيلة ربط لجزيئاتها على القماش.
وفى مجال العلوم الطبية والصيدلة:
أخذ علماء المسلمين بنظام التخصص، واهتموا بعلم التشريح والتشريح المقارن، واعتمدوا فى استخلاص النتائج على المشاهدة والتجارب. كذلك اهتموا بعلم الجراحة وأظهروا دراية فائقة بجراحة الأجزاء الدقيقة من الجسم كالأعصاب والعظام والعيون والأذن والأسنان واستئصال الأورام الخبيثة، واكتشفوا العديد من الأمراض ووصفوا أعراضها وطرق علاجها وقدموا خدمات جليلة للحضارة الإنسانية تتمثل فى العديد من المؤلفات القيمة التى نهلت منها أوروبا وظل معظمها يدرس فى جامعاتها حتى عهد قريب، مثل كتاب "الحاوى" لأبى بكر الرازى، و " القانون " لابن سينا، و "التصريف " للزهراوى.
وكان تقدم العلوم الصيدلية مواكبا لتطور علوم الطب خطوة بخطوة، فظهر علم "الأقربازين "، أو "دستور الأدوية"، الذى كان يعنىفى بادىء الأمر تركيب الأدوية المفردة وقوانينها، وأصبح يعنى فى العصر الحديث علم طبائع الأدوية وخواصها. واكتشف علماء المسلمين العديد من العقاقير التى لاتزال تحتفظ بأسمائها العربية فى اللغات الأجنبية، مثل الحناء والحنظل والكافور وغيرها. وفى السنوات الأخيرة زاد اهتمام شركات الأدوية بإعادة قراءة كتب التراث العلمى وإجراء التجارب على الوصفات الشعبية التى وردت فيها فى محاولة للكشف عن أدوية جديدة للأمراض باستخدام التقنيات الحديثة. وعندما ترجمت مؤلفات المسلمين إلى اللاتينية واطلع الغرب عليها سطعت شمس العلم الإسلامى على كل أوروبا، وتشهد المستشرقة الألمانية "سجريد هونكه " بهذه الحقيقة فىكتابها "شمس العرب تسطع على الغرب " مؤكدة "أن كل مستشفى وكل صيدلية ومخزن أدوية فى أيامنا هذه يعتبر نصبا تذكاريا للعبقرية العربية (الإسلامية)، كما أن كل حبة من حبوب الدواء، مذهبة أو مسكرة، إنما هى كذلك تذكار ظاهر، يذكرنا باثنين من أعظم علماء المسلمين ومعلمى بلاد الغرب ". تقصد الرازى وابن سينا.
وفى مجال العلوم البيطرية، أوطب الحيوان:
اهتم علماء المسلمين بالثروة الحيوانية وكل ما يتعلق بتطويرها ونمائها. يشهد على ذلك ما تضمنته مؤلفاتهم من دراسات قيمة تتعلق بتغذية الحيوان وتربيته ومداواته من الأمراض التى تصيبه. فقد أفرد أبو بكر أحمد بن وحشية فى القرن التاسع للميلاد كتاباَ للحيوانات المعينة على الفلاحة مثل البقر والغنم والإبل وغيرها، وجعل باباَ خاصاَ للحمام والطيور والكراكى، كذلك خصص ابن العوام الأبواب الأخيرة من كتاب "الفلاحة الأندلسية" لتربية الماشية وتحدث عن أمراض الحيوان وكيفية اختبار الجيد، ومدة الحمل، وما يصلح من العلف، ثم تحدث عن التسمين ورياضة الأمهار، وخصص فصلا عن اقتناء الطيور فى البيوت مثل الحماموالأوز والدجاج ونحل العسل، ثم اقتناء الكلاب للصيد أو الزرع.
من ناحية أخرى، عرف علماء المسلمين ظاهرة التهجين وأنماطه المختلفة، ووصفه الجاحظ فى كتابه "الحيوان " بقوله: "إننا وجدنا بعض النتاج المركب وبعض الفروع المستخرجة منه أعظم من الأصل ".
ويعترف العالم بإسهامات المسلمين فى مجال تحسين النسل الوراثى (اليوجينا) عن طريق انتقاء صفات وراثية معينة وقد تجلى هذا بوضوح فى حرصهم على أنساب الخيول العربية بحصر التزاوج فيما بينها وبين أفراس أصيلة ذات صفات وراثية محددة وتابعوا اصطفاء الصفات على الأنسال القادمة، ومنعوا أى تزاوج عشوائى مع أفراد مغمورة أو وضيعة النسب. وكان لهذا الأسلوب الوراثى أكبر الأثر فى لفت الأنظار بعد ذلك إلى استيراد الخيول العربية ودخولها فى التهجين مع سلالات أخرى لرفد مورثاتها (جيناتها) وخصائصها الفذة كالرشاقة والجمال وضمور البطن والعدو السريع والحس المرهف والذكاء المفرط والعرف الغزير وصغر الآذان وغير ذلك.
وفى مجال علوم الأرض، أو الجيولوجيا والجغرافيا:
بحث علماء المسلمين وألفوا قبل أن ينقلوا كتب غيرهم إلى العربية. وكان لاكتشاف الأجهزة العلمية، كالبوصلة والأسطرلاب، أثر هام فى تسهيل الرحلات وتشجيع الرحالة، فقام علم الجغرافيا، أو تقويم البلدان، على أسس علمية سليمة، وقد أحصى "ميللر" الخرائط التى رسمها علماء المسلمين للعالم الإسلامى فوجدها مائتين وخمسة وسبعين خارطة، باستثناء خرائط "الإدريسى" التىوصفها "ميللر" بأنها تمثل مدرسة جغرافية خاصة ذات أثركبير فى تصوير الدنيا للأوروبيين.
وتحدث علماء المسلمين عن العصور الجيولوجية، ووصفوا تكون الجبال والصخور بأنواعها، وحدوث الزلازل، وما يطرأ على اليابسة والماء من تطورات خلال الأزمنة الجيولوجية المتعاقبة. كذلك اهتم علماء المسلمين بالمناجم وتوزيع المعادن فى أنحاء الكرة الأرضية ويعتبركتاب البيرونى "الجماهر فى معرفة الجواهر" من خير ما صنف فى عصر الحضارة الإسلامية لدراسة خواص المعادن والبلورات كذلك اهتم الهمدانى فى كتابه "الجوهرتان العتيقتان " بسرد مناجم الذهب والفضة المعروفة فى جزيرة العرب وبلاد الأعاجم وأرض النوبة والحبشة، وقد أفادت منه اليمن حديثاً فى الاهتداء إلى العديد من المناجم الهامة.
أما "علم التربة" (أو "البيدولوجيا") فنجد أصوله فى كتاب "جامع فرائد الملاحة فى جوامع فوائد الفلاحة" لرضى الدين الغزى (935 هـ) الذى تحدث بإسهاب عن نظرية تكوين التربة، ووصف بوضوح تام الفروق المميزة بين ما يعرف باسم "التربة السطحية" و "التربة التحتية، و "التربة المنقولة"، وربط حالة التربة وخصوبتها بمجموعة من العوامل الفيزيائية تشمل الحرارة والرطوبة والكثافة الظاهرية باعتبارها مقياساً للانتفاش أو المسامية.
(ب) العلوم البيئية:
إذا كانت العلوم البيئية تعنى حالياً بدراسة الظروف والعوامل الخارجية التى تحيط بالكائنات الحية وتؤثر فى العمليات الحيويةالتى تقوم بها، والإنسان بطبيعة الحال واحد من مكونات البيئة دائم التأثير فيها والتأثر بها فى إطار التفاعل المستمرمع عناصرها المختلفة، بما فيها من يمثل بنى جنسه، فإن علماء المسلمين قد سبقوا إلى التأليف فى العلوم البيئية، بعد أن سبق الإسلام إلى وضع تشريعات محكمة لرعاية البيئة وحمايتها من آفات التلوث والفساد، ورسم المنهج الإسلامى حدود هذه التشريعات على أساس الالتزام بمبدأين أساسيين يحددان مسئولية الإنسان حيال البيئة التى يعيش فيها، هما: درء المفاسد وجلب المصالح.
ومن أمثلة المؤلفات الإسلامية فى العلوم البيئية نذكر للكندى "رسالة فى الأبخرة المصلحة للجو من الأوباء"، ورسالة فى الأدويةالمشفية من الروائح المؤذية". ووضع ابن المبرد كتاباً أسماه "فنون المنون فى الوباء والطاعون "، وتكلم ابن سينا بالتفصيلفى كتابه "القانون " عن تلوث المياه بشكل عام وكيفية معالجة هذا التلوث لتصبح المياه صالحة للاستعمال، كما أنه وضع شروطاً تتعلق بطبيعة الماء والهواء المؤثرين فى المكان عند اختيار موقع للسكن. أما الرازى فقد نشد سلامة البيئة عندما استشاره عضد الدولة فى اختيار موقع لمستشفى ببغداد، فاختار الناحية التى لم يفسد فيها اللحم بسرعة. وكانت المستشفيات بعامة
تتمتع بموقع تتوافر فيه كل شروط الصحة والجمال، فعندما أراد السلطان صلاح الدين أن ينشىء مستشفى فى القاهرة اختار له أحد قصوره البعيدة عن الضوضاء.
وقد ألف الرازى "رسالة فى تأثير فصل الربيع وتغير الهواء تبعاً لذلك "، بينما تحدث أبو مروان الأندلسى فى كتابه " التيسير فىالمداواة والتدبير" عن فساد الهواء الذى يهب من المستشفيات والبرك ذات الماء الراكد. وجاء فى كتاب "بستان الأطباء وروضة الألبان " لابن المطران الدمشقى ما يؤكد ضرورة مراعاة تأثير البيئة عند تشخيص المرض، فقال: "ينبغى للطبيب إذا قدم على مداواة قوم فى بلد، أن ينظر فى وضع المدينة، ومزاج الهواء المحيط بها، والمياه الجارية فيها، والتدبير الخاص الذى يستعمله قوم دون قوم، فإن هذه هى الأصول، ثم بعدها النظر فى سائر الشرائط ".
وكتب ابن القيم الجوزية فى كتاب "الطب النبوى" فصلاً عن الأوبئة التى تنتشر بسبب التلوث الهوائى، والاحتراز منها.
ولم يقف الأمر عند هذه الأمثلة لعلماء تناولوا المشكلات البيئية فى أجزاء أو فصول من مؤلفاتهم، حيث نجد بين علماء المسلمين من رأى ضرورة معالجة الموضوع فى كتاب مستقل ليؤكد أهميته فى حياة الناس على مر العصور.. فقد صنف محمد بن أحمدالتميمى فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) كتاباَ كاملاَ عن التلوث البيئى وأسبابه وآثاره وطرق مكافحته والوقاية منه، وفصل الحديث فيه عن ثلاثية الهواء والماء والتربة، وتبادل التلوث بين عناصر هذه الثلاثية، وجعل عنوانه "مادة البقاء فىإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوبئة". كذلك صنف على بن رضوان المصرى كتاباً رائداَ فى مجال الطب البيئى بعنوان "دفع مضار الأبدان بأرض مصر".

شارك

مواضيع عامة

اضف تعليق

0 comments:

مميز

ماذا يفعل الشيطان بك عندما تنام لمنعك من صلاة الفجر | الدكتور أبو محمد العطار

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه وعلى آل بيته أجمعين وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ...

ألا بذكر الله تطمئن القلوب